"تعبه غلبَ جوعه , و اسبلَ جفنيه آملًا أن يَحلُم بسرسي, فأحلام الحُمَّى جليًّة حقاً"
الفصل الـ 44 من الكتاب الثالث عاصفه السيوف , احد الفصول الذي يجب تسليط الضوء عليه فعلا , الفصل الذي راود السير جايمي لانستر حلم غريب , حلم الحمى الذي تقريبا حمل تنبؤات مستقبليه و علامات مهمه اخرى يجب شرحها ..
و لكن قبل الخوض في ذلك ؟ لماذا يحلم جايمي لانستر بذلك ؟ .. احلام الحمى معروفه و تراود كل شخص تقريبا , حيث يظهر في ذهنه نظرته عن ماضيه و هذا بالفعل ما حدث لـ ند ستارك بعد اصابته في ساقه عندما اشتدت عليه الحمى و جاب في ذهنه وفي منامه عن احداث برج البهجه .. ولكن الحلم الذي راود جايمي كان يمتلك بعض الجوانب المستقبليه ,, فـ لماذا ؟
البعض يقول ان جايمي نام على جذع شجرة الوايروود , و هذا هو السبب الذي جعل جايمي يتنبئ ببعض الاحداث في المستقبل دون ارادته
"و دَسَّ فروة دُبَّ مطويَّة بين جذع شجرةِ مبتور"
لم يوضح اي جذع هذا! .. لكن الاغلب اجزم ان الجذع جذع الوايروود لانه مقطوع او مبتور .. ومعظم الاشجار الوايروود جنوب منطقه العنق قد قام الانداليين بقطعها قبل آلاف السنين
كان حلما ناتجاً من ألم و معظمه لا يحتاج إلى تفسير لان جايمي رأى معظم ماضيه , و لكن التنبؤات هي التي تهمنا , حيث اولا تنبأ بموت والده اللورد تايون لانستر و موت جوفري و كذلك من الواضح ان اخته سرسي قد تهلك قبله
"في الأعماق تحت (الصَّخرة), لكن هذا الكهف غريب عليه . فيسأل : «ما هذا المكان؟» , ويُجيب الصَّوت الرَّنَّان : «مكانك». مئة صوت . ألف صوت , أصوات كلِّ ذُرِّية لانستر منذ لان المًحتال الذي عاشَ في فَجر الأيام, ولكن صوت ابيه يطغى عليهم جميعًا, و إلى جوار اللورد تايون تقف أخته شاحبةً جمليةً وفي يدها مشعل متَّقد. ويقفَ جوفري ايضاً . الأبن الذي أتيا به إلى الحياة معاً , و وراءهم المزيد من الاطياف القاتمه ذات الشَّعر الذَّهبي"
من خلال منامه . قد يتبين لنا ان جايمي راى كلا من والده و جوفري و سرسي في عداد الموتى . وذلك بـ انهم كانوا مع ذريه آل لانستر منذ لان المحتال . و الذي هم اموات اساساً .. فما وجود والده و جوفري و اخته مع الاموات ؟ .. "و وراءهم المزيد من الاطياف القاتمه ذات الشَّعر الذَّهبي" وهذا دليل على أن اللورد تايون و جوفري و كذلك سرسي .. اطياف قاتمه ايضاً .. اموات مثلا الاطياف اللذين ظهروا ..
ثم بعد ذلك سيُترك وحيداً . سيفقد عائلته و سيموتون جميعهم
"مشعلها الضَّوء الوحيد في المغارة , مشعلها الضَّوء الوحيد في الكون , و تدور سرسي لتُغادر. يقول جايمي متوسَّلاً «لاتَترُكوني , لاتَترُكوني هنا وحيداً» لكنهم يتحرَّكون تاركين إياه. «لاتَترُكوني في الظَّلام!» "
اي بالمعنى الواضح ان اطياف والده و جوفري و شقيقته سرسي تحركت و تركته و ذهبت مع الاطياف الاخرى , اطياف اموات ال لانستر السابقين .. هل هناك تفسير اخر على انهم ليسوا اموات مثل الاطياف الاخرى ؟ .. من وجهه نظري لا .. جايمي رأى فعلاً عائلته في عداد الموتى و هذا المنام اقوى إشاره على ذلك
ثم ذلك ينتقل الحلم إلى بريان التارثيه . و التي لعبت دوراً مهم في المنام و هي الاساس التي بنى فيها جايمي شخصيته الجديده .. من شخصيه قاتل الملك .. إلى حافظ العهد , حيث ظهرت عذراء تارث ضعيفه مثله .. و الدليل على الضعف في المنام هو العري . فهو كان عاريا في المنام حيث جاء الوصف كالتالي "عارياً وحيداً يقف , يُحيط به الأعداء , و تُطبق عليه جُدران حجر" , وكذلك ظهور بريان كان مشابه له "الضَّوء الخافت لا يُفسر إلّا عن بِريان التارثيَّة , عارية تُكَبَّل يديها سلاسل ثقيله"
و لكن ماهو المشترك بينه و بينها ؟ و لماذا ظهر كلاهما عارياً ؟ .. التفسير الاقوى على ذلك .. هو المحافظة على العهد فهو يضعف المرء بسبب ما يحمله على عاتقه .. فكلاهما حلف يميناً حتى انها ذكرته بالحلم على ذلك . و اعطته طابع ان القسم فوق كل شيء . مهما ما كانت تواجهه , فيجب ان تحافظ على قسمك حيث قالت
"لقد حلفتَ أن أحافظ على سلامتك, حلفت يميناً"
رغم انها مقيده بالسلاسل و في موضع ضعف إلا انها اعطته نبذه عن شيء ما , مهما كنت تواجهه .. فيجب ان تفي بقسمك , القسم فوق كل شي و القسم درعاً للشرف .. إذا سقط القسم و كسر .. هذا الدرع سيسقط .. و سيسقط معه الشرف ..
وهناك ايضاً علامه اخرى في المنام . جايمي راى بعض الجوانب التي تحدث الان بينما هو نائم . بريان التارثيه في مأزق في هارنهال و لكنه لا يعلم ما هو . حيث قالت :
"«أرجوك ايها الفارس , إذا سمحت» , تنشقُّ الحلقات الحديد كالحرير , و تقول بريان مناشدةً «سيف» "
ثم بعد ذلك اصبح لها سيف ولكن ما هو هذا المأزق التي تعشيه بريان بينما جايمي نائم ويحلم ؟ .. المنام وضح الجواب بالفعل :
"«هل يحتفظون بدُبَّ هنا ؟» تسأل بريان وهي تتحرَّك بتأنٍّ وحذر وسيفها في يدها"
جايمي كان يعلم إن في هارنهال جب للدببة . بنيت في عهد الملك هارن الاسود . و كأن الحلم يحذره و ينبهه .. بريان تقاتل دب الان في هارنهال .. بريان في مأزق !
لكن لماذا ؟ .. لماذا الحلم نبه جايمي بضرورة مساعده بريان .. الإجابة في الحلم ايضا .. ظهور كلا منهم عارياَ ليس الدليل الوحيد على اوجه التشابه بينهم في المسألة المتعلقة بالشرف و الحفاظ على العهد .. كان ايضا في السيف , سيف جايمي وصف كالتالي :
"يرفع السَّيف فيومِض إصبع من اللَهب الباهت على الرَّاس , و يزحف على الحافة ثم يتوقَّف على قيد أنملة من المقبض . و تتَّخذ النَّار لون الفولاذ ذاته و تتوهَّج بضوءِ أزرق يميل إلى الفضَّي و تنسحب العتمة"
أما سيف بريان فقد كان وصفه مشابه له تقريبا . حيث كان :
" تكاد تكون فارساً . بدوره يلتهب سيف بريان ويتًّقد بالأزرق المشوَّب بالفضَّي, و تتقهقَر الظلمة اكثر قليلاً"
إذا من الواضح ان سيف بريان يتوهج كذلك مثل سيف جايمي . و هو مؤشر المحافظه على القسم لكل منهم المتعلق بشرفهم , قالت سرسي له في المنام :
"ما دامَ اللَّهب مشتعلاً ستبقىَ حيًّا , و حين يهمد تموت"
لكن التفسير اعمق من ذلك . اللهب هو المحافظه على العهد و القسم و مقياس الشرف , فإذا انحسر او همد سيفقد جايمي قسمه و سيفقد شرفه , وهو ما رايناه فعلا عندما تعمق إلى ذاكرته و رأى اخوته المحلفين السابقين في الحرس الملكي , السير آرثر داين , السير أزويل وينت , السير جون داري و الأمير ليوين مارتل , السير جيرولد هايتاور و معهم الامير ريجار تارجيريان , و بدء يصبون عليه التهم و اللوم فيما حدث بينه و بين الملك ايرس تارجيريان و كذلك موت ابناء الامير ريجار , ولاحظنا كيف كان جايمي يريد تفسير المواقف و تبريء نفسه , كان اللهب على سيفه بدء يتقلص ! ..بمعنى اخر بدء شرفه يتناقص
" ويتَّقد الأمير ريجار بضوءٍ بارد , الآن أبيض , الآن أحمر , الآن داكن , و يقول : «تركتُ زوجتي و طفلَي بين يديك» . يخبو الضَّوء في سيف جايمي بعض الشّيء "
فكلما تم زياده التهم على جايمي التي اعدمت من شرفه طيله تلك السنين .. بدء اللهب على سيفه يقل .. .. مقتل ايرس المجنون و مقتل الطفلين .. و غيرها .. شرف جايمي يتناقص شيئاً فـ شيئاً .. و في المنام اللهب كان يتناقص .. إذا لايوجد اي تفسير آخر .. بالتالي اللهب يمثل شرف جايمي
لكن إلى الان لم اجاوب على السؤال : لماذا بريان ؟ .. مثل ما ذكرت .. الحلم يدور حول بريان اساسا كونها هي من غيرت جايمي فعلا ... كانت البؤره التي اثرت على شخصيته , و يمكن تفسيره انها هي من انقذته من تلك الظلمه التي كان يعيش فيها لأكثر من 14 عام تقريبا , كل منهم تركوه .. والده تايون .. و اخته لدرجه بانه استنجد بها عده مرات في المنام
" «أختاه ! أبقي معي ! أبقي ! » , ولكن ما من مجيبِ إلَّا وقع الأقدام المبتعدة"
لم يكن له احد ابدا .. إلا شخص واحد .. وهي بريان .. كانت بجواره حين تركته عائلته و حتى عندما ظهور اطياف الحرس الملكي و الامير ريجار .. لدرجه انها قالت للأمير ريجار :
"لقد حلفتُ أن أحافظ على سلامته , حلفتُ يميناً مقدسَّةً"
بريان ستكون معه .. سيتخلى عنه الجميع إلا هي .. مرشده له بأن الحفاظ على القسم هو ساس الشرف . في نهاية الحلم انطفئ سيف جايمي فعلا , و انقض عليه الاطياف لمواجهته .. ولكن كانت هناك بريان بجانبه .. سيفها لا يزال مشتعل
" يُطبِق الرُّعب على جيده و يُضَيِّق الخناق ثم ينطفئ السَّيف ولا يتبقَّى إلاَّ ضوء سيف بِريان"
وهنا لايمكن التفسير إلا بشيء واحد .. بريان طالما كانت محافظه على عهدها لم يمس شرفها ابدا .. و بقي سيفها مشتعلاً تقاتل به .. بالتالي اذا كنت تريد مواصلة القتال يا جايمي .. حافظ على شرفك .. إذا كنت تريد المحافظة على شرفك .. حافظ على قسمك و عهدك
ثم بعد ذلك استيقظ .. نهض جايمي آخر .. جايمي مغاير .. اقنع والتون ذو الساقين الفولاذ الذي كان من المفترض ان يعيده إلى كينجزلاندينج بضرورة العوده إلى هارنهال لإنقاذ بريان , حتى ان والتون دعاها بـ الفتاه .. فرد عيه جايمي "أسمها بريان" وكأنه لم يعجبه وهذه الحادثه تكررت مرتين . قبل انقاذ بريان و بعد انقاذها .. جايمي لا يريد احداَ ان يناديها إلا باسمها ... بالرغم ان جايمي كان فيما سبق بناديها بـ "يا هذه" إلا ان الحلم وضح له ما كان غافلا عنه ..
تغير جايمي بعد ذلك له اسباب عديده , و الحلم الذي رأه كان ضوءً انار العتمة التي بداخله من سنين .. كان لا يبالي قيد أنمله بالنذور و القسم و اثبت ذلك من حواره مع الليدي كاتلين ستارك , كان ذلك في الماضي . ولكن الان .. قال لـ بريان :
" اسمعيني يا بِريان. كلانا حلف يميناً تخصُّ سانزا ستارك , سرسي تُريد العثور علي الفتاة و قتلها اينما أختبأت"
كان لا يلتفت إلى مسألة نعته من الغير بعديم الشرف .. طغيانه اعمى بصيرته فعلا و غطرسته خلقت منه كبرياء قبيح .. و لكن كذلك .. كان ذلك في الماضي و الان قال لـ بريان :
" لقد صنعتُ ملوكاً و دمَّرتهم. هذه فّرصتي الأخيرة لمنال الشَّرف"
وسلم بريان سيف ڨاليري .. اطلق عليه "حافظ العهد" ..
Comments