في العام الثالث و الستين بعد غزو إجون , ابتهجت المملكة من خبر ولاده الملكة الطيبة أليسان , حيث وضعت طفلاً أُطلق عليه اسم ڨايجون , السابع في ترتيب سُلم أبناء الملك چيهيرس تارجيريان الأول , كان مختلفًا أختلاف كُلي عن أخوته الكِبار إمون و بيلون أمير الربيع .. كأختلاف الليل و النهار , لم يكن مكين وقوي في جسده , كان صبي هادئ ذو عينين مُتحفّظتين , كان يُري أيضاً بانه صبي مُتجهِّم و منطوي . لم يكن يمتلك ذلك الشغف في حمل السيوف الخشبية و اللعب في فناء القعلة الحمراء و التدرب و إظهار نفسه كمرافق كما فعل أخوته من قبل . بل كان شغفه يكمن في عالم آخر , حيث وجد سعادته في المكتبة .. و كثيراً ما وجد هناك مُنهمر في القراءة
كانت الملكة أليسان مهتمة في ترتيبات الزيجات بين أبنائها , فبعد زواج الوريث إمون من جوسلين باراثيون, و التأكيد أن بيلون و شقيقته أليسا سيتزوجان قريباً .. نظرت الملكة و الملك أيضاً إلى أطفالهم المتبقين و قرروا .. لماذا لا يتزوج ڨايجون من شَقيقته دايلا ؟ .. كان الفارق السني بينهم عاماً فقط . و كانا مُناسبين لبعضهما البعض , مثل بيلون و أليسا و قد يكونا أيضا مثل چيهيرس و أليسان سابقاً . لو أن هذا التشبيه الأخير مبالغًا فيه ربما . أتفق الملك و الملكة على ذلك و وضعا خط لطفليهما حيث قال الملك چيهيرس لـ ڨايجون البالغ خمس أعوام آنذاك «كن لطيفاً مع شقيقتك الصغيرة , فذات يوم ستصبح أليسان الخاصه بك»
لكن مع مرور الوقت بعد ما نما الأمير و الأميرة كفاية , أتضح أن الملكة و الملك كانا مخطئين , لم تكن هناك مودة ودفئ بين ڨايجون و دايلا , كان الأول غارقاً في كتبه و الثانية رقيقه و خائفة أكثر من اللازم و الخشية كانت بأنها ستُكسر بسهوله. رأت الملكة أليسان ذلك و قادتها غريزة الأمومة الخاصة بها في أكتشاف الجفاف الظاهر بين طفليها . لم يكن ڨايجون يعبئ بوجود أخته من الأساس , و من جانب آخر , كانت الأميرة الرقيقة دايلا تشعر بالحزن و الخوف من شقيقها اللئيم , الذي كان يفضل صفحات كتابه على أن يلجئ للعب معها قليلاً . أخبرت الملكة زوجها الملك بما رأته و لاحظت الشرخ الكبير بين الأمير و الأميرة , فقال الملك «إنهم مجرد أطفال , سوف يتعاطف أحدهم مع الآخر في الوقت المناسب». و لكن .. لم يحدث هذا التعاطف قط .. و لم يكن تفاءل الملك چيهيرس في محله .. إذا لم يكن للتعاطف وجود بينهم , فالكرهة نما في علاقتهم بشكل ملحوظ
وصل الأمر بين الأمير و الأميرة إلى ذروته في العام الثالث و السبعين بعد الغزو , حيث كان الأمير ڨايجون يبلغ عامه العاشر و الأميرة دايلا في التاسعة من عمرها . في أحد الأيام و أمام ساده البلاط , قامت أحدى رفيقات الملكة الجديدات في البلاط بسؤال الأمير و الأميرة بشكل مزعج عن موعد زواجهما . مما أثار حفيظه الأمير ڨايجون كثيراَ , و كان رده قاسياً ! .. و كأنه لطم به شقيقته دايلا , ولطم الحاضرين كذلك ! . حيث قال «لن أتزوجها أبدا, فهي بِل الكاد تَستطيع القراءة. يجب عليها أن تتزوج لورداً ما بِحاجة إلى أبناء أغبياء, لأن هذا الشي الوحيد على الإطلاق الذي سيتحصل عليه منها».
رداً عنيفاً أمام الجميع قاد الأميرة الرقيقة دايلا إلى مغادره القاعة وهي تركض و دموعها تنهمر , لتندفع والدتها الملكة على أعقابها . لم يكن هناك تعقيباً أو رداَ فيما قاله الأمير لشقيقته إلا من شقيقتة الأميرة أليسا التي كانت تكبره بثلاث سنوات , حيت نهضت و أفرغت إبريق نبيذ فوق رأسه. لكن هذا الأمر لم يؤثر على الأمير اللئيم , و بهدوء رد على شقيقته الكبيرة «إنك تَهدرين ذهب الكرمة», قبل أن يغاد هو الأخر القاعة ليقوم بتبديل ملابسه
وصل الملك و الملكة إلى اليقين أخيراً , و مفاده أن ڨايجون يستحيل أن يتزوج دايلا , ولكن .. هل من بديل لـ دايلا ؟ .. فكرت الملكة و الملك معها في شقيقاته الأصغر , في سايرا التي تصغره بأربع أعوام و ڨيسيرا الأصغر منه بثمانية سنين . لكن الملكة أليسان كانت متأكدة بأنه لا يعبئ لهن حالهن مثل حال المسكينة دايلا, إلا في حالة ما , لو قراء عنهن في كتاب مثلاً .. بما أنه يعتبر محباً للقراءة , جازت الفكرة للملك و قرر التحدث في هذا الأمر مع المايستر الأكبر إليسار في هذا الشأن . وأردف في طمئنه ملكته و قال «إنه في العاشرة فقط. ولم يرى فتيات بكثره , أكثر مما تمت رؤيته منهن . لكن كل هذا سَيتغير قريبًا. إنه مَليح كفاية, و أمير وستروس و الثالث في وراثة العرش الحَديدي. ففي غضون بضعه سنين أخرى, سوف ترفرف العذارى من حوله مثل الفراشات»
على الرغم من أنها تكن الحب العظيم لأطفالها , إلا إن الملكة لم تكن تنكر الحقيقة , فكلمه "مليح" ليست مناسبه نوعاً ما لـ ڨايجون , نعم كان يمتلك الشعر الفضي الذهبي و العينين الأرجوانيتين , لكنه كان طويل الوجه و ذو أكتاف مستديرة وفم مقروص كما لو أنه كان يمتص ليمونه حامضة قالت «ما أخشاه هو أن تأتي فراشة ما لترفرف حول ڨايجون. فسيحب أن يسحقها بظهر كتاب»
بدء و كان الملك وجد الحل الأمثل في تغيير حال ڨايجون بعد أن عجزت الملكة , فقال : «انه يقضي من الوقت الكثير في المكتبة. دعيني اتحدث مع بيلون. سنقوم بإخراجه إلى الساحة , و نضع سيفاً في يده و ترساً في ذراعة, فقد يُضبطه هذا»
و بالفعل , تحدث الملك مع بيلون الذي أخرجه إلى ساحه التدريب , و لكن الأمر فشل فشلاً ذريعاً , و تبين أن الأمير ڨايجون لديه موهبه في جعل جميع من حوله يائسين في أمره , بما فيهم أمير الربيع أيضاً
أستمر الأمير بيلون في تدريب شقيقه الصغير بناء على أوامر والده الملك , يوماً ما قال بيلون «كلما تدرب أكثر , ازداد مظهره سوءاً», و لكن لم يسبق لأمير الربيع أن يستسلم من قبل, فقام بإشراك شقيقته أليسا إلى الفناء مدرعه بدرع رجال , حيث أنها سُبق وأن أهانت ڨايجون سابقاً في حادثه النبيذ فربما لديها فرصه في إثاره غَضبة , قامت بالرقص و الدوران حول ڨايجون و أهانته نصف مئة مره في سبيل أن تثير حفيظته و يقاتل , لكن الأمر كان حتمي فعلاً , لا الملك و لا أمير الربيع و لا المتسلطة أليسا و لا أحد يقدر أن يكسر عزيمة الأمير ڨايجون , لم يتحمل إهانات شقيقته نعم و لكن بدلاً أن يهم بالقتال , ألقى بسيفة و ركض خارجاً من الساحة و لم يعد .. وفي تلك الأثناء كانت الأميرة دايلا تراقب الوضع من نافذه
مرت الأيام , و تزوج الأمير بيلون من شقيقته أليسا , و وريث العرش الأمير إمون أصبح أباً و أنجب أبنته ريينس , و لا يزال ڨايجون هو نفسه ڨايجون . و مع الوقت أصبح الأمير ناضجاً . في تلك الأثناء , بدأت الشابات في البلاط في إعطائه لبعض الاهتمامات , و من جانب آخر لم يفتقر الأمير إلى المجاملات في الرد عليهن و لكن لم يعطيهن ذلك التقدير الكلي المرغوب منه . على أقل تقدير لم يسحقهن بكتاب مثل ما أجزمت والدته الملكة يوماً ما . ظلت الكتب هي شغفه و ملاذه الوحيد . كان يجد نفسه في قراءه التاريخ و رسم الخرائط و الرياضيات و اللغات , أعترف المايستر الأكبر إليسار الذي لم يكن محتشماً بدرجة ما , بأنه كان له يد في محاوله أن يثير الأمير ڨايجون تجاه النساء , حيث قدم له عدداً من الرسومات الجنسية التي من شأنها قد تثير الأمير و يخضع لسحر العذارى , لكن لم تبدي أي رده فعل في هذه المحاولة ايضاً , حيث احتفظ الأمير بالرسومات و لم يعقب على ذلك ابداً !

وفي العام الثامن و السبعين بعد الغزو , و عندما بلغ الأمير ڨايجون عامه الخامس عشر , أجتمع الملك چيهيرس و الملكة أليسان مع المايستر الأكبر إليسار و طرحا له هذا السؤال : «هل تعتقد أن لدى ڨايجون ما يؤهله بأن يصبح مايستر؟»
أجاب إليسار بإجابةٍ قادت الملكة و الملك إلا أتخاذ قرار حاسم بشان الأمير , فقال : «لا, هل يمكنكم التَصور وهو يقوم بتعليم أبناء لورداً ما عن كيفية القراءة و الكتابة و بعض العمليات الحسابية ؟ هل يتحفظ بِغداف في غرفته أو أي نوع من الطيور ؟ هل يمكنكم تخيله بأن يبتر ساق رجلاً مسحوقة أو يقوم بتوليد طفلاً ؟ كل هذه من المتطلبات ليكون المرء مايستر.» . بعد ذلك توقف المايستر الاكبر عن الكلام لِبرهه ثم أردف « ڨايجون ليس مايستر . ولكن بإمكانه أن يمتلك ما يؤهله بأن يصبح مايستر رئيس . القلعة هي أكبر مستودع للمعرفة في العالم المعروف . أرسلة إلى هناك. ربما سيجد نفسه في المكتبة , إما هذا أو سيضيع بين الكتب بحيث لا تحتاج أبدا إلى الاهتمام به مره أخرى».
بعد ثلاث أيام من هذا الاجتماع , أستدعى الملك أبنه الأمير ڨايجون إلى غرفته الشمسية و أخبره بأنه سيستقل سفينه لتأخذه إلى البلدة القديمة في غضون أسبوعين . حيث قال الملك «ستتولى القلعة زمام أمرك , و الأمر متروك لتفكريك لتحديد ما سيحدث لك» رد الأمير ڨايجون باقتضاب كما جرت العادة و قال «نعم , أبي. حسناً» . و قضي الأمر منذ ذلك الحين .. حيث أخبر الملك چيهيرس زوجته الملكة أليسان .. أن ڨايجون أبتسم تقريباً
رحل الأمير ڨيجون إلى البلدة القديمة وهو أبن خمسة عشر عاماً , و بعد ذلك عواصف كثيره عصفت بعائلته في ظل غيابة المستمد بالقلعة , مرت سنوات عديده حاملة لفواجع أنهكت والدة الملك العظيم چيهيرس , توفين جميع شقيقاته و كذلك أشقائه . و هربت شقيقته المثيرة للجدل سايرا إلى ليس .. و الأعظم من ذلك كلة موت والدته الملكة الطيبة أليسان .. وهي الضربة القاتلة للملك العجوز
لم يَسلم الملك من المنهكات حتى في أواخر عهده حيث واجهه معضلة في أمر الخلافة بعد موت ورثته . بين حفيدة ڨيسيرس و حفيدته ريينس , ولكن لا يزال للملك أبناً ذكراً لا يزال على قيد الحياة . الأمير ڨايجون , الذي عُرف بلقب " ڨيجون سليب التنين" , كان يبلغ عامه الأربعين في أواخر عهد والدة الملك العجوز , تناساه الجميع في الممالك السبع , لمده ثلاثة و عشرون عاماً , أمضى الأمير سنواته في تطويق سلسلة عنقه في القلعة بعد أن أرسل إليها . حتى صعد كمايستر رئيس, حاملاً صولجان ذهبياً و مرتدياً خاتماً و قناعاً من الذهب الخالص . أميراً عالماً لديه ميلاً عظيماً في الرياضيات و الكيمياء و الفلك و غيرها من العلوم الغامضة
أستدعى الملك العجوز أبنه المايستر الرئيس إلى كينجزلاندينج , و أجتمع به , ولا يُعلم ما الذي دار بينهم إلى الآن , قال البعض أن الملك عَرض على أبنه العرش من بعده , ولكن الأمير المايستر رفض ذلك بسبب نذورة أو قد تكون رغبه منه .. فمن يدري ؟
. في تلك الأثناء كان الصراع على خلافة العرش ذو وتيرة تتصاعد بشكل مرعب . وخشية أن تخرج الأوضاع عن السيطرة أستمع الملك العجوز لمشورة أبنه المايستر الرئيس و أعلن عن نيته في عقد مجلساً عظيماً في البت بموضوع الخلافة
توفي الملك العجوز بعد أنعقاد المجلس العظيم بعامين , أما عن المايستر الرئيس ڨايجون , فمخطوطات المايستر الرئيس جيلداين لم تكتمل بعد و لا توجد دلائل متى توفي الأمير سليب التنين . يقول البعض بانه فارق الحياه في نفس العام الذي عُقد فيه المجلس العظيم , و البعض الآخر يجزم بأنه مات بعد ذلك بعده أعوام .. التحديد في محل شك و لكن الخلاصة واحده ومفادها مفهوم .. الأمير ڨيجون تارجيريان منذ البداية , كان عالماً أكثر من كونه صبي .. و المايستر الأكبر إليسار لم يخطئ .. لا يمكن أن يصبح مايسترأبدا .. بل أعلى من ذلك .. و أعظم
Comments