top of page

تضحية شيرين في الرواية

تاريخ التحديث: ١٠ يونيو ٢٠٢٣




مقدمة: في الحلقة التاسعة من الموسم الخامس من قيم اوف ثرونز أحرق الملك ستانيس ابنته شيرين لإنقاذ جيشه من البرد والانتصار بالشمال ومن ثم أخذ العرش قبل أن يأتي الآخرون كما قالت له مليساندرا. بعد هذا الحدث الصادم والحبكة المختصرة قال المخرجين أن جورج هو من أخبرنا بالحدث، لكن كلامهم لا يؤخذ بالحسبان وكنت محايد في هذا الموضوع ولم يكن لدي توقع واضح بخصوص حرق ستانيس لشيرين في الرواية إلى أن صرح جورج بنفسه وقال أن حرق ستانيس لشيرين أحد الأحداث التي ستحدث بالكتب وأعطيتها لكتّاب المسلسل. وقتها كنت بعيد عن مواقع التواصل الاجتماعي لكن أعتقد أن التصريح أحدث ضجة لدى الكثير: "كيف ستانيس سيحرق ابنته؟ هذا ليس ستانيس الرواية! مستحيل يحرقها وقد جعلها وريثته!"... الخ. بعد تصريح جورج انفجرت عندي عدة تساؤلات وبالمقابل اتضحت وتأكدت بعض التوقعات، لكن كيف ستحدث التضحية؟ وما مسبباتها وإسقاطات جورج في الحبكة التي تعكس شخصية ستانيس؟

الاختلاف عن المسلسل:

أي حدث أدبي/سينمائي بدون تمهيد يُعتبر ضعيف وغير منطقي، خاصة إذا كان لا يمثّل التصرفات المعهودة من الشخصية، لذلك حرق شيرين من ستانيس سيختلف كليًا عن الأسباب التي ظهرت في المسلسل وبتمهيد ودوافع منطقية.

أولًا: المسلسل لم يُظهر صراع ستانيس الديني وارتفاع إيمانه التدريجي وتحوّل مشاعره الدينية من استغلاله للقوى إلى تأثر شخصيته جزئيًا بالدين بعد رؤية القوى التي لا تُنكر من مليساندرا وراهلور وارتباطها بواجباته "إنها تقول إن الظلام سيفترسهم جميعًا، الليل الذي لا ينتهي. تتكلم عن نبوءات... عن بطل مولود في البحر، وتنانين حية تفقس من الحجر الميت... تتكلم عن علامات وتُقسم أنها تُشير إليّ. إنني لم أطلب هذا كما لم أطلب أن أكون ملكًا، لكن هل أجسر على تجاهلها؟" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الخامس) وهو ما يعيدنا إلى أحد أركان جورج في إظهار مشاعر الناس الدينية في الفانتازيا عندما قال "في أغلب أعمال الفانتازيا لديك سحر يعمل بوضوح، وهذا قد يؤثر على المشاعر الدينية لعدة أشخاص".

ثانيًا: أسباب التضحية في المسلسل ضعيفة جدًا؛ فالسبب كان لإنقاذ جيشه من البرد والجوع "إذا لم نفعل شيء سنموت جميعنا من الجوع. لكن إذا ضحينا..." - سيليس (المسلسل) "نقدم هذه الفتاة يا إلهنا لتطهرنا بنارك وتنير طريقنا" - مليساندرا (المسلسل). بعد إنقاذ جيشه المتهالك ينوي أخذ الشمال ومن ثم العرش حتى يدافع عن مملكته ضد الآخرون "يجب أن تكون الملك قبل الليلة الطويلة. أنت الوحيد من يستطيع قيادة الأحياء أمام الأموات" - مليساندرا (المسلسل). عرض المسلسل هدفه كإنقاذ للمملكة بطريقة غير مباشرة وبعيدة جدًا عن نقطة ضعف ستانيس (واجبه تجاه المملكة) وأظهرته الحبكة كالطماع للعرش فلم يعرض تغير أولويات ستانيس عندما قال "كنت أحاول الفوز بالعرش لأنقذ المملكة بينما كان واجبي أن أنقذ المملكة لأفوز بالعرش" (عاصفة السيوف. فصل جون الحادي عشر). نعود للهدف الأولي من تضحية شيرين في المسلسل وهو إنقاذهم من البرد، الطريف بالغاية الركيكة أن هناك حدث مشابه له في الرواية عندما حوصر جيشه بالعواصف الثلجية ومات الكثير أثناء الزحف فاقترح أحد رجال الملكة بأن يضحون بأحد الكافرين (الذين لا يؤمنون براهلور) ولكن رفض الملك وقال إن نصف جيشي كافر ولن أضحي بأحد، نعم (أعدم) حرقًا بعدها بكم يوم لكن لم يضحي أبدًا للتضحية فقط "بأمر الملك سيدفع رجال بيزبوري الأربعة ثمن الوليمة بحياتهم... وسينهي إحراقهم العاصفة حسبما يزعم رجال الملكة" - آشا (رقصة مع التنانين. فصل القربان) رفض التضحية بجندي عام، فما بالك إذا كان الذي يضحي فيه ابنته لإنقاذ جيشه من البرد! مستحيل تأتي هذي الغاية الركيكة؛ لأن الملك متقبّل أن يموت طالما أنه مؤدي لواجبه وهو ما أخبر به جاستن ماسي "قد نخسر المعركة، وقد تسمع في (براڤوس) أنني مت، وقد يكون هذا صحيح. لكنك ستأتي بجيشي على أي حال وتنتقم لموتي وتضع ابنتي على العرش الحديدي، أو تموت وأنت تحاول" - الملك ستانيس (رياح الشتاء. تشويقة ثيون) وقبل الزحف على وينترفيل قال "سنحرر وينترفيل أو نموت ونحن نحاول" (رقصة مع التنانين. فصل غنيمة الملك) لذا توضّح لدينا أن ستانيس متقبّل موته طالما أنه مؤدي لواجبه، فكيف يضحي بابنته لإنقاذ نفسه؟! لابد أن يكون هناك صراع نفسي مبرر وهدف أسمى من هذا، وهو الآخرون وواجبه تجاه المملكة، فإذا لم يضحي هنا لن يموت هو وجيشه فقط، بل ستسقط المملكة كاملة، فلا يوجد موقف يضغط الملك ويدفعه للتضحية أقوى من موقفه أمام الآخرون.

ثالثًا: عدم وجود دلائل كافية، فمليساندرا في المسلسل عندما أرادت أن تثبت أن القوى حقيقية ليضحي بشيرين ذكرته بموت روب وجوفري بسبب العلقات الدموية ولكن يبدو أن الكتّاب نسوا بأن بالون (الاسم الثالث) لم يمت في ذلك الوقت، وهي حجة استخدمها الملك ستانيس ضد مليساندرا في الرواية عندما أرادت أن تقنعه بنفس الطريقة ليضحي بإدريك ستورم، ورد بأن الذين ماتوا اثنان وليسا ثالثا بعد ما ذكّره داڤوس وقال لمليساندرا "حتى مهرّب بصل مثلي يعرف الفرق بين بصلتين وثلاث. ينقصك ملك يا سيدتي" (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الخامس) عندها رفض الملك المناقشة حول الموضوع معهم تمامًا، هذا وهو ابن أخيه فكيف إذا كانت الضحية ابنته الوحيدة! لابد من بناء طويل الأمد للقارئ ولستانيس بأن تظهر مدى قوة راهلور بعدة مواقف حتى لا يستطيع جحدها ويؤمن تمامًا أن هذا السبيل الذي ينبغي عليه فعله، وهو ما لاحظناه في الرواية بدايةً بنجاة مليساندرا من سم كرسن ومن ثم قتل رنلي والملوك الثلاثة بالعلقات وجريان الرياح بسرعة عندما سافروا للجدار وسيف جالب الضياء وأضف إلى ذلك الرؤى التي تقسم مليساندرا أنها تشير لستانيس، وهذا الذي سيلعب دور كبير في القرار الأخير الذي سيتخذه الملك وكأنه يستذكر كل المواقف المتعلقة بمليساندرا وراهلور ويراها كلها حقيقية وصحيحة، حتى إن خسارة معركة النهر الأسود تضاف للشواهد السابقة بما أن مليساندرا لم تكن معهم بالمعركة وندم ستانيس على قرار إبعادها، عكس المسلسل الذي استخدم المعركة للتقليل من شأنها، وهذا شيء غير منطقي.

فائدة حبكة إدريك:

قد يتساءل البعض، ستانيس رفض التضحية بإدريك، فلمَ سيضحي بابنته؟ وما فائدة حبكة إدريك في القصة؟ ما الذي أضافه الصراع في تضحية إدريك على ستانيس؟ وهل له علاقة بتضحية شيرين؟

ترجّعنا هذه الأسئلة للنقطة السابقة، فمن الاختلافات في التضحية بين المسلسل والرواية هو التمهيد الكافي للحبكة، وتضحية إدريك من أكبر الأحداث الممهدة والتي بَنَتْ شخصية ستانيس الجديدة (المتأثرة براهلور) على شكل بطيء ومنطقي كما فصّلت في مقال (راهلور وصراع ستانيس الديني)، لكن من جهة أخرى فالصراع عبارة عن مرحلة من عدة مراحل لاكتمال المشهد التدريجي لمشاعر ستانيس وارتباطها بقراراته المصيرية بين الدم والواجب، فصراع ستانيس بين دمه وواجبه طويل الأمد ويعود لقبل ١٨ سنة في يوم ثورة روبرت عندما أتاه اليوم العصيب والاختيار الصعب جدًا بين روبرت (دمه) وإيرس (واجبه) "إيرس؟ آه لو تعلم كم كان ذلك الخيار صعبًا. دمي أم مولاي، أخي أم ملكي" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الرابع) هنا في الصراع الاول قدم دمه ولكن بصعوبة، ولم ينسى الطعم المر حتى بعد عدة سنين، واستذكر ستانيس صراعه يوم ثورة روبرت عندما أتى صراع مشابه له، وهو صراعه بين إدريك (دمه) والمملكة (واجبه) وكأن جورج يريد القارئ أن يربط بين الصراعين وأنها مرحلتين لمشهد أكبر، وفي صراع إدريك كان ستانيس في منطقة الحياد ويُسحب لكلا الجهتين لكن قدم دمه كذلك (فعليًا لم يحرقه) لكن لو نظرنا للواجبات التي كانت تصارع دمه، بدايةً بواجبه تجاه إيرس وبعدها واجبه تجاه المملكة لكن بطريقة غير مباشرة وغير واضحة لأن ستانيس طوال الصراع كان يحاول التشكيك بكلام مليساندرا؛ فإنها لا تقارن بالواجب الكبير والحمل الثقيل الذي على عاتق الملك عندما سيواجه الآخرون وإيمانه أن هذا ما ينبغي فعله لإنقاذ المملكة ولا مجال للتردد، عندها قد يختلف اختيار ستانيس ويختار واجبه بدلًا من دمه، فجورج عرض الصراعين السابقين كتمهيد أن ستانيس عندما يواجه خيارين كهذين لا يختار بسهولة ونرى مشاعره تدرجت من رفضه لاتباع إيرس في البداية (واجبه) والمرحلة الثانية كان في منطقة الوسط بين داڤوس ومليساندرا وكان على وشك اختيار الواجب، والمرحلة الثالثة (المتوقعة) أن يختار الواجب فوق الدم ويضحي بابنته.

الجواب هذا يخلق لنا سؤال آخر: إذا كانت تضحية إدريك مُمهِّدة؟ فما الذي سيختلف في تضحية شيرين؟ بالتأكيد لن يكون الموقف نفسه وإلا لرفض ستانيس كرفضه في تضحية إدريك، فلو نظرنا للظروف وقت التضحية بإدريك فإنها ليست مباشرة ومصيرية، فمليساندرا وهي تحرضه كان هدفها من التضحية بأن يستطيع الفوز بالعرش لإنقاذ المملكة، فكانت الأولويات هنا تختلف عما يثير نقاط ضعف ستانيس؛ فكان الواجب (إنقاذ المملكة) مؤخّر، والحق (العرش) مقدّم، لذلك رأينا فترة طويلة من الصراع حتى اقتنع ستانيس، فكل الدوافع كانت قابلة للتشكيك وهو ما حاول فعله الملك حينها ولكن بعد التراكم الكبير لم يستطع الإنكار، وهل يجسر على تجاهلها؟ لكن المتوقع مع شيرين بأن الدوافع ستختلف أو بشكل أصح ستنعكس، فأولويات ستانيس تغيرت منذ اليوم الذي أبحر فيه من دراجونستون وكما قال لجون "كنت أحاول الفوز بالعرش لأنقذ المملكة" هذه معتقداته وقت أحداث إدريك "بينما كان واجبي أن أنقذ المملكة لأفوز بالعرش" وهذه معتقداته الحالية ووقت تضحية شيرين، لذلك الاختلاف الأول بين التضحيتين هو: الهدف من التضحية، فالواجب بتضحية إدريك كان غاية ثانية وهدف غير مباشر أما في تضحية شيرين فسيكون الواجب الدافع الأساسي وهدف مباشر.

الاختلاف الثاني: عِظَم الموقف في تضحية شيرين مقارنةً بتضحية إدريك، ففي حبكة إدريك كان الملك متمهّل ويحاول البحث عن أي سبيل آخر لأن ليس هناك خطر حقيقي حالي يجبره على التصرف بسرعة، بينما في تضحية شيرين وأمام الآخرون سيرى الملك حينها أن المملكة ستسقط إن لم يضحي ولا يوجد أي سبيل آخر يمكن البحث عنه، وهذه النقطة كانت أحد النقاط التي كانت تخلق شك عندي بأن الملك سيضحي بابنته حيث كنت أتساءل "كيف سيأتي صراع عند ستانيس من جديد مثل صراعه مع إدريك؟" لكن الغالب أن صراعه مع إدريك في الحقيقة هو المُمهِّد لتضحية شيرين لأن وقت تضحية شيرين لا يوجد وقت للتردد والبحث عن طرق أخرى. أيضًا مرض الداء الأرمد قد يلعب دور في الحبكة واختلاف عن تضحية إدريك ويدفع الملك للتضحية، فكما قالت ڤال "الداء الأرمد يخمل فترة، فقط لينشط من جديد. الطفلة ليست نظيفة!" (رقصة مع التنانين. فصل جون الحادي عشر) لذلك هنا قد تستغل النقطة مليساندرا بأي طريقةٍ كانت للضغط أكثر على الملك.

أسئلة مرتبطة بالتضحية:

عندما لم يكن لدي توقع واضح في قرار ستانيس بأن يضحي بابنته أم لا، كان أهم أسباب الحياد هو رؤيتي لقوة الاحتمالين، في النقطتين السابقتين عرضت بعض الدلائل التي تدعم حرق ستانيس لشيرين، لكن ماذا عن الدلائل المعاكسة؟ أو بالأصح، ماذا عن الأسئلة التي ليس لها أجوبة -بالنسبة لي- في حال ضحى الملك بابنته؟

أولًا: فائدة التضحية، يجب أن يكون هناك فائدة ولو بسيطة وهو ما سيختلف عن المسلسل بالتأكيد، فبالنهاية سحر مليساندرا حقيقي وثبت بعدة مواقف حتى وإن كان تفسيرها خاطئ أحيانًا، الجواب المباشر أن الفائدة هي إحياء جون، الجواب هذا يجيب على تفسيرين، تفسير رؤية التنانين الحجرية وأيضًا سبب اعتقاد مليساندرا بأن ستانيس هو الأمير الموعود، فبما أن رؤاها صحيحة جزئيًا، كذلك فكرة أن ستانيس الأمير الموعود قد تكون صحيحة جزئيًا ويكون هذا دوره أمام الآخرون وهو توحيد الشمال وإحياء جون (الأمير الموعود) وتمهيد الطريق له. أما بالنسبة لتفسير "التنانين الحجرية" غالبًا المقصد به جون ويمثّل تارجيريته وتحجر شخصيته بعد الموت، وليس تنانين دراجونستون، لكن العلة ليست بالجواب وإنما بالتساؤل المرتبط بهذا الجواب، ستانيس لن يضحي بابنته إلا أمام الآخرون، وقدومهم سيكون بعد فترة طويلة جدًا (نسبيًا) عن موت جون، فهل بالإمكان أن يعود بعد كل هذه الفترة؟ الجواب البديهي، لا. لذلك هذه أحد النقاط التي كانت تدفعني لتوقعي الآخر بأن سيليس التي ستضحي بشيرين عند الجدار بالأحداث الحالية بإقناع من مليساندرا لتكون عودة جون منطقية. طيب إذا كان الحدث المنطقي ألا يعود جون من تضحية ستانيس بشيرين بحكم طول الفترة بين موت جون والتضحية، فهنا نعود لأصل المشكلة، ما فائدة التضحية؟ إذا لم تكن فائدة التضحية هي عودة جون، فما تفسير التنانين الحجرية من الأساس؟ لابد أن يكون لها تفسير وفائدة، وهو السؤال الذي لم أجد إجابته. ومن جهة أخرى، كيف سيعود جون إذا لم يكن عن طريق شيرين، فالموت ثمن الحياة مثلما رأينا في عودة كات، لذا هل سيعود كعودة بيريك عن طريق تعاويذ فقط؟ أشك؛ لأن مليساندرا لم تصل لذلك المستوى من الشعوذة، وأيضًا بيريك كان سبب إحياؤه هو إعادة كات فقط، وليست عودته بذاتها غاية، غير عن جون الذي سيكون له دور مهم.

ثانيًا: ذكرت أن تدرج مشاعر ستانيس الدينية مهم في التضحية، ويبدو أن في الأحداث الحالية وصل إيمانه إلى أضعف مراحله، فكيف سيرتفع من جديد؟ تأثير قوى راهلور ومليساندرا مبني على بطء وكل الأحداث المتعلقة بها كانت لمصلحتها، لكن هناك حدث مثير للاهتمام إذا لاحظه ستانيس فقد يلعب دور في مشاعره الدينية بخصوص هذه الرؤيا "رأيت مدينة أسوارها من خشب وشوارعها من خشب، مليئة بالرجال، وفوق الأسوار رأيت رايات؛ موظًا وفأسًا حربية وثلاث أشجار صنوبر وبلطتين طويلتين متقاطعتين تحت تاج، ورأس حصان ناري العينين" -مليساندرا (رقصة مع التنانين. فصل جون الرابع) لم تفسّر مليساندرا الرؤيا بشكل مباشر وإنما ذكرتها بعدما سأل جون عن اللوردات الذين بايعوا آل بولتون وكأنها تذكُر هذه الرؤيا للجواب على تساؤل جون وهو ما أكّده كلايتون سوجز بعد الرؤيا ووصف العوائل بأنهم خونة، ولكن التفسير الصحيح أن العوائل التي ذُكرت انضمت لستانيس في ربوة الغابة، تأثير هذه الرؤيا يحتمل نتيجتين، إمّا تكون رافعة لإيمان ستانيس بحيث أن الرؤيا بحد ذاتها صحيحة، أو تكون ضد مليساندرا بما أن تفسيرها خاطئ، ومن المثير للاهتمام أن نرى ردة فعل ستانيس لحدث متعلق برؤى مليساندرا ويكون ضدها، لكن لا أعلم إن لاحظ ستانيس أو أنه سيذكرها لمليساندرا لاحقًا، وقد يستخدمها الملك ليحاجّ مليساندرا في صراعه الأخير (إن كان هناك صراع) لكن الأمور مبهمة حول هذه الرؤيا لأننا لم نرى أي ردة فعل من الملك بخصوصها. إذن هل رؤية الآخرون كفيلة بعودة إيمانه؟ إذا نعم، فما فائدة صراعه مع الشماليين وآلهة الشمال من الأساس؟ وما الذي أضافه في شخصيته؟ تساؤلات ليست لها أجوبة كهذه كانت تدفعني كذلك للتوقع الآخر.

ماذا تمثّل التضحية:

فكرة التضحية بشخص لإنقاذ العالم أو التضحية بشخص لإنقاذ مجموعة أكبر ليست فكرة جديدة في عالم الرواية كما نعرف في قصة آزور آهاي وتضحيته بزوجته، والفكرة ليست مبتكرة من جورج كذلك، فهي تمثّل أبعاد نفسية لدى متخذ القرار ولها إسقاطات وتشابهات من عدة أساطير قد يكون جورج مستلهم منها، لكن قبل الدخول بالإسقاطات التي من خارج الرواية، نبدأ بالأوضح وأثر مفهوم التضحية من داخل الرواية.

تضحية آزور آهاي: "حتى آزور آهاي لم ينتصر بحربه لوحده" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل جون الحادي عشر) قصة آزور آهاي معروفة لدى الكل ومختصرها أنه ضحى بزوجته لصنع (جالب الضياء) وقيادة البشر أمام الآخرون. هذه القصة لها دور في تقبّل ستانيس -بمرارة- مفهوم التضحية، فإيمان ستانيس أنه الأمير الموعود (آزور آهاي العائد من جديد) هذا بحد ذاته مؤثر ويحمّل الملك دور المنقذ على عاتقه "في مخطوطات آشاي القديمة كُتب عن يوم سيأتي بعد صيف طويل، عندما تنزف النجوم وتبسط ريح الظلام الباردة أجنحتها على العالم، وفي ساعة الخوف تلك سيسحب محارب سيفًا وهّاجًا من قلب النار، وسيكون ذلك السيف (جالب الضياء) سيف الأبطال الأحمر، ومن يحمله سيكون آزور آهاي العائد من جديد، ومنه سيفرّ الظلام. آزور آهاي! حبيب راهلور! ابن النار ومحارب النور! تقدّم، فسيفك ينتظرك، تقدّم وخذه بيدك!" - مليساندرا (صدام الملوك. فصل داڤوس الأول) قصة آزور آهاي لها تأثيرين على الملك؛ التأثير الأول هو أن ستانيس يرى نفسه المنقذ للبشرية، ورغم كره الملك لهذه الحقيقة إلا أن ليس بيده حيلة، ويجب أن يؤدي واجبه كمنقذ وقائد للمملكة ولا يجسر على تجاهل مليساندرا "مليساندرا تُقسم أنها رأتني في لهبها، أواجه الظلمة رافعًا (جالب الضياء) عاليًا" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الخامس) والتأثير الثاني أن ستانيس ربط الإنقاذ مع التضحية والذي يُثبت هذا عندما تعب الملك من صراعه بين داڤوس ومليساندرا أراد تبيين سبب تقبّله لتضحية إدريك بعد فترة من الصراع، فقال "إذا كان واجبي أن أضحّي بصبي واحد للهب لأنقذ مليونًا من الظلام... التضحية... التضحية ليست سهلة أبدًا يا داڤوس، وإلا فهي ليست تضحية حقيقية" (عاصفة السيوف. فصل داڤوس السادس) ومن ثم قال لمليساندرا أن تخبر داڤوس عن أهمية التضحية وتقنعه فذكرت أن آزور آهاي ضحى بزوجته لصنع (جالب الضياء) فنرى أن الملك ربط تضحيته مع تضحية آزور آهاي. نلاحظ في كلام مليساندرا عن وقت سحب محارب النور لجالب الضياء قالت "عندما تنزف النجوم وتبسط ريح الظلام الباردة أجنحتها على العالم، وفي ساعة الخوف تلك سيسحب محارب سيفًا وهّاجًا من قلب النار" واضح أن المقصد الليلة الطويلة وقدوم الآخرون، لكن ستانيس سحب سيفه ولم يأتِ الآخرون بعد ولا حتى الشتاء، فما المغزى هنا؟ نعود لقصة آزور آهاي، آزور آهاي سحب سيفه في الوقت التي وصفته مليساندرا لكن لا يهم السيف بذاته وإنما التضحية التي فعلها، وإذا ربطناها مع ستانيس فهذا يعني أن تضحيته بشيرين هي التي ستحدث في ذلك الوقت وليس سحبه للسيف، وللتأكّد نعود لتكملة كلام مليساندرا لداڤوس بعدما ذكرت تضحية آزور آهاي قالت "إذا ضحى رجل يملك ألف بقرة بواحدة للآلهة فإنه لم يكلّف نفسه شيئًا، لكن إذا ضحى بالبقرة الوحيدة التي يملكها..." تريد مليساندرا تبيين أن التضحية صعبة بدليل تضحية آزور آهاي بزوجته لأنها حبيبته الوحيدة، لكن ألا يتبادر بذهنك شخص آخر؟ "أراد أن يعطيهم شيرين، ابنتي الوحيدة" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الرابع) اختيار جورج بأن ستانيس يملك ابنة وحيدة لم يكن أمر اعتباطي، فالابن الوحيد له جذور أسطورية كما سنرى في مفهوم التضحية خارج الرواية.

معضلة العربة: هناك قطار يمشي على سكة باتجاه ٥ أشخاص ليدهسهم وأنت تشاهد المنظر أمامك وجدت الرافعة التي تحرف مسار القطار ولكن المسار الآخر يوجد به شخص واحد إذا مشى القطار على سكته سيدهسه، هل تسحب الرافعة لتنقذ ال٥ في سبيل قتل شخص؟ طيب إذا لا يوجد سكة أخرى لتحرف القطار إليها ولكن بجانبك شخص سمين وتعلم يقينًا ١٠٠٪ أنك إذا دفعته على القطار ستوقفه لتنقذ ال٥ فهل تدفعه؟ هذه المعضلة هي معضلة أخلاقية لمعرفة ما إذا كانت المنفعة الأكبر خيار صحيح حتى ولو كانت عن طريق التضحية بأقلّية، لكن ما يهمني بها ليس تحليلها الفلسفي وإنما النفسي، إذا قارنّا هذه المعضلة مع موقف ستانيس بالتضحية بشخص لإنقاذ العالم سنجد اختلاف كبير والمقارنة ظالمة تقريبًا، أولًا في معضلة العربة الذين ستنقذهم جماعة صغيرة غير عن موقف ستانيس الذي سينقذه العالم بأكمله، ثانيًا في المعضلة الضحية لا تعرفها ولا تعني لك شيء غير عن موقف ستانيس الذي سيكون فيه الضحية ابنته الوحيدة، ورغم أن المعضلة لها سرد آخر بأن الشخص الذي ستحرف القطار باتجاهه سيكون ابنك أو قريبك، لا تزال المقارنة ظالملة بعض الشيء بسبب الاختلاف الأول وبسبب أن الضحية في المعضلة لن تموت إذا لم تضحي بها، غير عن موقف ستانيس الذي يعتقد أن الضحية ستموت على أي حال سواء تم التضحية بها أم لا "أتحسب أنك أنقذت الصبي يا فارس البصل؟ عندما يحل الليل الطويل سيموت إدريك ستورم مع البقية أينما اختبأ" - مليساندرا (عاصفة السيوف. فصل داڤوس السادس) طيب بما أن المقارنة ظالمة، لمَ ذكرت المعضلة؟ دعونا نوسع الزاوية أكبر لتقريب الصورة مع موقف ستانيس، هذه المعضلة مستلهمة من قصة أسطورية (ويُقال أنها حقيقية) عن أب يشتغل في محطة قطار متقاطعة مع نهر وهو مسؤول عن رفع الجسر فوق النهر لتمر السفن وإنزاله ليمر القطار، في أحد الأيام جلب الأب ابنه الوحيد معه. كان الابن يلعب ويلهو في الساحة بجانب السكة والأب يؤدي واجبه كموظف في غرفة التحكم، وبعد فترة عندما اقترب القطار أصبح الابن مخفي عن أنظار الأب لكن لمحه من بعيد أنه سقط داخل العجلة التي ترفع وتنزل الجسر وهنا وقع الأب بين خيارين صعبين، بين واجبه كأب تجاه ابنه وواجبه كموظف تجاه المسافرين، فإذا أراد إنقاذ ابنه فسيترك المسافرين يموتون لأن بعد إخراج ابنه من العجلة لا يستطيع اللحاق والعودة لغرفة التحكم وإنزال الجسر، وبالمقابل إذا أراد إنزال الجسر فسيقتل ابنه بعدما يسحقه الجسر؛ لينقذ المسافرين ويمروا بسلام، هذه القصة التي يُقال أنها حقيقية تمثّلت بعدة أعمال سينمائية قصيرة وفيها نرى تصادم بين واجبين، واجب الأب وواجب الموظف، وهو ما يشابه حالة ستانيس والتصادم بين واجبه تجاه شيرين كأب ووريثة "أنا الملك، الرغبة لا تمُتّ بِصِلة للأمر. إن علي واجبًا نحو ابنتي ونحو البلاد، بل ونحو روبرت أيضًا" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الرابع) وواجبه تجاه المملكة كملك وأمير موعود "الأمر لا يروقني أكثر مما يروقك. لكن واجبي تجاه البلاد، واجبي..." - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس السادس) هنا نرى تشابه أكبر مع حالة ستانيس من معضلة العربة، فبجانب تصادم الواجبين، الضحية في القصتين كلاهما الابن الوحيد للمضحي، وهو ما يصعب الأمور عليه أكثر بالتأكيد. لكن ورغم هذا لا زال المشهد ليس مشابه تمامًا كمشهد ستانيس، فستانيس لن ينقذ مجموعة كبيرة كالمسافرين وإنما العالم بأكمله، لنوسع الزاوية أكبر وأكبر إذن، يُقال أن القصة السابقة في الحقيقة مستلهمة من اعتقاد المسيحيين أن الله -تعالى عما يقولون- ضحى بابنه عيسى لينقذ العالم من خطاياهم. نلاحظ التدرج بحجم الذين تم إنقاذهم في الثلاث قصص والتشابه مع حبكة ستانيس موزّع على الثلاث بعشوائية، فهل كان لهذه القصص أثر في كتابة جورج للحبكة؟ خاصة وأن جورج سبق وصرح بأنه استلهم من المعتقدات المسيحية في كتابته لديانة السبع.

القرار الصحيح: رغم أن المقارنة المباشرة بين معضلة العربة وموقف ستانيس ظالم بعض الشيء، إلا أننا رأينا تدرّج قصص التضحيات ورأينا أن معضلة العربة مستلهمة من مواقف أكبر وهذه القصص هي التي تربط بينها وبين موقف ستانيس، والدراسات التي وُضعت عليها قد تتماشى مع القصة الأكبر منها لكنه عُرضت الدراسة فيها بشكل مبسط.

المعضلة كما ذكرت أنها أخلاقية وهو الشيء الذي لا يهمني في الموضوع لكن لابد من ذكره لربطه مع التفسيرات النفسية لدى متخذ القرار. أحد النظريات الأخلاقية التي تحاول إحكام الإنسان لأفعال صحيحة هي ما يسمى بنظرية "الأخلاق الواجبة" أو (Deontology) وهي نظرية تقول أن الفعل الصحيح هو فعل الواجب المفروض على الشخص، فهي ترى الأفعال مجردة بدون الاعتبار للنتيجة، فالقرار الصحيح يُعتبر صحيحًا إذا كان هذا ما يُفترض عليك فعله وهذا هو واجبك الملتزِم به، وهي تقريبًا نفس الأفكار التي يؤمن بها الملك ستانيس"مخلص جدًا في أداء واجبه" - نيد ستارك عن ستانيس (لعبة العروش. فصل نيد السادس) والتزام ستانيس بواجبه لا داعي للتفصيل فيه لأنه من أساسيات الشخصية المعروفة لدى الكل. نعود للنظرية وعلاقتها بالتضحية، إذا كان الشخص مؤمن بالأخلاق الواجبة فلن يجد جواب صحيح للمعضلة، لأن لديه واجبين متعارضين ولا يوجد مبدأ أو قاعدة يمشي عليها لتحديد خياره الصحيح وهو بالضبط ما وقع به ستانيس في صراعه مع إدريك عندما كان يحاور داڤوس بحجج مليساندرا والعكس مع مليساندرا لأن كلا الأمرين كان واجبه -بغض النظر عن صراعه بين دمه وواجبه- "أوليس إدريك ستورم فردًا من شعبك؟ فردًا ممن أقسمتُ على أن أحميهم" "أعرف أن الملك يحمي رعاياه وإلا فهو ليس بملك" - داڤوس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس السادس) بناءً على كلام داڤوس فصراع إدريك لم يكن بين دم وواجب فقط، بل بين واجبين متناقضين كذلك، ولا يمكن إيجاد حل بين واجبين متناقضين وأنت مؤمن بنظرية الأخلاق الواجبة، وهو ما يفسّر طول صراع الملك في حبكة إدريك، لكن بالنهاية ألم يقرر حرقه لولا تدخّل داڤوس؟ إذن كيف وصل للقرار بما أن أفكاره تحمل مفاهيم نظرية الأخلاق الواجبة؟ للإجابة ننتقل لنظرية أخرى وهي ما تسمى بالنظرية "العواقبية" أو (Consequentialism) وهي ببساطة تقول أن القرارات الصحيحة للفرد هي القرارات التي تحقق المنفعة الأكبر أو ما يسمى بـ(The greater good) فالنظرية لا ترى الأفعال كجيد وسيء أو صح وخطأ، بل ترى نتيجة الفعل وبناءً عليها يتحدد الفعل، وبناءً عليها فإن "القرار الصحيح" هو التضحية بالشخص لإنقاذ العالم/مجموعة أكبر لأن بالتضحية تتحقق المنفعة الأكبر، لكن ما علاقة ستانيس بالعواقبية؟ مثلما ذكرت أن أفكار ستانيس مشابهة لنظرية الأخلاق الواجبة "علينا أن نؤدي واجبنا أليس كذلك؟ عظيمًا كان أم ضئيلًا علينا أن نؤدي واجبنا" - الملك ستانيس (عاصفة السيوف. فصل داڤوس الخامس) لكن مع تأثير أفكار مليساندرا عليه بدأ فكره ينزاح للأفكار المشابهة لنظرية العواقبية، ونلاحظه جمع بين الفكرتين باقتباس واحد وكأن جورج يبين كيف انزاحت أفكار الملك تدريجيًا إلى أفكار مليساندرا "ما دمت الملك فعلى عاتقي واجب" هنا أفكار الأخلاق الواجبة، ومن ثم واصل الملك "إذا كان واجبي أن أضحي بصبي واحد للهب لأنقذ مليونًا من الظلام... التضحية... التضحية ليست سهلة أبدًا يا داڤوس، وإلا فهي ليست تضحية حقيقية" وهذه أفكار العواقبية المتأثرة من مليساندرا، لأن بالتضحية تتحقق المنفعة الأكبر كما تقول النظرية ويراها ستانيس أنها واجبه و"القرار الصحيح". صراع الفكرتين بدأ مع إدريك وسينتهي مع شيرين، ونتيجة صراع إدريك هي ما ستحدد القرار الأخير. كل هذا الكلام عن الأخلاق الواجبة والعواقبية يدور حول "القرار الصحيح" وأفكار المضحي، ولمعرفة أبعاده النفسية نعود للمعضلة الآن، بعد دراسات أُجريت عليها، استُنتج أن الذين قالوا سيضحّون بالفرد لإنقاذ ٥ سواءً بدفعه أو تحريف المسار هم أشخاص يحملون أفكار النظرية النفعية أو (Utilitasim) وهذه النظرية هي شكل من أشكال النظرية العواقبية، إذن تحمل نفس أفكارها بخصوص المعضلة، لذا نستطيع القول بأن ستانيس منزاح للأفكار المشابهة لأفكار النفعية أو أفكار العواقبية لأنها كلها نفس الفكر تقريبًا، ووُصف النفعيون من مجلة The Economist كالتالي "النفعيون... قد يضيفون سعادة للبشر، لكنهم ليسوا سيعيدين بأنفسهم" وأنا أقرأ الجملة يتردد بذهني وصف كرسن لكآبة طفولة ستانيس عندما قال "ستانيس لم يتعلم الضحك من أحد قط" "فمٌ خُلق للعبوس" "ستانيس يا صغيري العابس الحزين" "الحب كان ينقصك أنت وأنت أكثر من احتاجني" ستانيس الكئيب عن طريق صراعه الكئيب منزاح للأفكار الكئيبة ل"يضيف سعادة للبشر" ولكنه ليس سعيد، فبالإضافة لكآبته التي في الماضي، أفكار مليساندرا قد حولت قلبه لنار وزادت من حزنه "قريبًا يحلّ البرد والليل الذي لا ينتهي. ما لم يجد المخلصون القوة لمحاربتها، هؤلاء الذين قلوبهم نار" -مليساندرا (عاصفة السيوف. فصل دافوس الرابع).

خاتمة: "لا أعتقد أن نهاية المسلسل ستختلف عن نهايتي، لكن قد يكون هناك اختلاف بشخصيات ثانوية معينة" - جورج آر آر مارتن. بالطبع ستانيس من الشخصيات التي لم تتغير نهايتها فقط بالمسلسل؛ بل حتى كتابتها وعدة حبكات متعلقة بها، وحرق شيرين إحدى الحبكات التي سنراها بشكل منطقي بكتابة جورج، فالتضحية لل"المنفعة الأكبر" مفهوم كبير خارج وداخل الرواية، وبالتأكيد جورج سيستفيد من الأمور النفسية والفلسفية المتعلقة بها. صحيح أن توضيح جورج بأن الحبكة ستحدث بالكتب أمر مزعج للبعض، ليس فقط لأنهم لا يريدون من ستانيس فعلها؛ بل أيضًا لأجل الأحداث المنتظرة المتعلقة بالحبكة، فقد توضح بأن الملك لن يخسر أحد أكبر المعارك والحروب المنتظرة في رياح الشتاء؛ ليستطيع حرق شيرين بناءً على تصريح جورج، لكن لا زالت هناك أحداث مبهمة ولم تبينها الحبكة، كموت ستانيس وطريقته، فلا زالت نظرية انقلاب رجال الملكة قائمة بل وممكن حبكة شيرين تكون داعمة لها، وأيضًا النهايات الأخرى لستانيس لا زال احتمال حدوثها وارد كموته بالتضحية بنفسه أو أمام الآخرون أو غيرها، فجميع النهايات تقريبًا لم تتأثر من التصريح (إلا النهاية التي تقول سيخسر أمام البولتون). الأسئلة التي تدعم توقع حرق سيليس ومليساندرا لشيرين بدلًا من ستانيس تعتبر الداعم الوحيد -الضعيف- لاحتمالية تغيير جورج رأيه بشأن الحبكة، ففي تصريح له سابق يقول "هناك حبكة أخطط لها ولم أجزم بكتابتها" وبالرغم من أنه صرح بعده بفترة وأكد أنه قرر كتابة الحبكة، فالتصريح يبين لنا احتمال ضئيل بأن جورج قد يغير رأيه بشأن حرق ستانيس لشيرين بما أن أسلوب كتابته يحتمل التغيير والتعديل على الأحداث، ولكن احتمال ضعيف جدًا، ليس لأنه صرح بأن المسلسل أخذ الحدث من الكتب فقط -يعني أنه مخطط منذ زمن-؛ بل أيضًا لأن الحبكة مؤثرة بأحداث كبيرة غيرها وتغييرها يعني تغيير أمور أخرى وتعقيد أكثر بالتعديل والحذف والإضافة لتنسيق الحبكة الجديدة مع الأحداث الأخرى، لذلك للأسف... ذو القلب الناري سيُحرق قلبه


أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page